الطنبوري
هذا كان تاجراً من أهل بغداد ،
وكان ثرياً وفي الوقت نفسه بخيلاً ، وكان من بخله أنه كلما انقطع من حذاءه مكان وضع فيه رقعة من جلد أو قماش ، حتى أصبح الحذاء عبارة عن مجموعة من الرقع يمسك بعضها بعضاً واشتهر في بغداد كافة وعرف الجميعُ حذاءَ الطنبوري .
عابه بعض أصحابه وأصرّوا عليه أن يتخلص من حذائه ، فقام برمي الحذاء في مرمى القمامة وعاد إلى بيته ، وفي الطريق مر بالسوق فوجد زجاجات رائعة الجمال للبيع ، فأعجبته ولكنه ليس في حاجةٍ لها كما أنها غالية الثمن ، فتركها وسار في طريقه ، فوجد مسكاً رائعاً للبيع فأعجبه وقرر أن يشتريه ولكنه قال : لا يصلح هذا المسك إلا في تلك الزجاجات ، فعاد إلى الأول واشترى منه الزجاجات ، وعاد إلى الثاني واشترى منه المسك .
ذهب إلى البيت ووضع المسك في الزجاجات ووضعها على رف في البيت وخرج شأنه . وكان هناك رجل قد مر بجانب النفايات فرأى حذاء الطنبوري ملقىً في القمامة ولم يتصور أن الطنبوري سوف يرمي حذاءه ، فقال : لعل بعض الأشقياء هو الذي فعل هذا وسوف أردها إلى الطنبوري . فأخذ الحذاء وذهب بها إلى بيت الطنبوري ، فقرع الباب فلم يرد أحد عليه ، فرأى النافذة مفتوحة فقذف بالحذاء من النافذة .
بالطبع فهمتم ما الذي حدث …… لقد كسر الزجاجات وانسكب كل المسك على الأرض ولم يبق منه شيء .
عاد الطنبوري إلى البيت فرأى كل شيء ، ورأى ذلك الحذاء بجانب الزجاجات ، فقال : لعنك الله من حذاء . أخذ حذاءه وذهب بها إلى النهر وألقاها هناك .
وكان هناك صياد قد ألقى شباكه في النهر فعلقت بها حذاء الطنبوري ، وعندما وجد الحذاء قال : لابد أن أصنع إليه معروفاً وأعيد إليه حذاءه .
وفعلاً ذهب إلى الطنبوري وأعاد إليه الحذاء ، فأخذها الطنبوري ووضعها على سطح بيته لتجف من البلل ، فمر قط من سطح البيت فرأى الحذاء فظنها قطعة لحم فأخذها بفمه ، فنهره الطنبوري ، فهرب القط بالحذاء في فمه وأخذ يقفز فوق أسطح المنازل ، فسقطت منه الحذاء على امرأة حامل فأسقطت حملها ، فأخذ زوجها الحذاء وذهب إلى القاضي شاكياً من فعله الطنبوري بامرأته .
بالطبع كان عذر الطنبوري غير مقنع ، فحكم عليه القاضي بدية الجنين وعاقبه على فعلته وأذيته لجيرانه ، وأعاد إليه الحذاء ، فقال : لعنك الله من حذاء .
ثم إنه قال : سوف ألقيها هذه المرة في مكان لا يصل إليها أحد . فذهب بها إلى الحش ( المجاري بلغة عصرنا ) وألقاها في أحد المجاري ، وعاد إلى منزله وكله فرح وسرور .
مرّ يوم أو يومان فطفحت المجاري بالطريق وآذت الناس . فأتوا بعمال لتنظيف المجرى المسدود ، فوجدوا حذاء الطنبوري !!! فرفعوا أمره إلى القاضي ، فحبسه وجلده على فعلته ، وأعاد إليه الحذاء ، فقال : لعنك الله من حذاء .
فقال : ليس هناك من حل إلا بحفر حفرةً في الأرض ودفن الحذاء بها . وفعلاً في ساعة من الليل أخذ مسحاته وخرج إلى خارج البيت وأخذ يحفر في مكان بعيد بجانب جدار ، فسمع الجيران صوت الحفر فظنوا أنه سارق يريد نقب الجدار ، فأبلغوا الشرطة ، فجاء الحرس فوجدوا الطنبوري يحفر بجانب الجدار ، وعندما سألوه عن السبب ، قال : لأدفن الحذاء .
وبالطبع عذرٌ غير مقنع ، فحبسوه إلى الصبح ، ثم رفع أمره إلى القاضي ، فلم يقبل من عذره وجلده وحبسه بتهمة محاولة السرقة وأعاد إليه الحذاء ، فقال : لعنك الله من حذاء .
فاهتدى أخيراً إلى طريقة …… ذهب إلى الحمام العام ( تشبه المسابح العامّة في عصرنا هذا ) وترك الحذاء خارج الحمام وعاد إلى بيته وليأخذه من يأخذه .
صادف ذلك وجود أحد الأمراء في الحمام ، وقد جاء سارق وسرق حذاء الأمير ، وعندما خرج الأمير لم يجد الحذاء !!
وتساءل قائلاً : من أخذها ؟؟
قالوا : ننتظر وصاحب آخر حذاء هو السارق ونبحث عنه ، فلم يبق إلا حذاء الطنبوري .
وبالطبع لا حاجة للبحث عن السارق من يكون فقد عرفه كل أهل بغداد بهذا الحذاء .
رفع أمره إلى القاضي بتهمة سرقة حذاء الأمير ، فغرّمه القاضي قيمة الحذاء وجُلد وأُعيدت إليه حذاؤه ، فقال : لعنك الله من حذاء .
وأخيراً قال : سوف أخرج إلى خارج بغداد وأدفنها هناك ، وفعلاً خرج إلى الصحراء ، وأخذ يحفر في الأرض …… فداهمه الحرس وأخذوه إلى السجن ورفعوا أمره إلى القاضي ، وجيء به إلى القاضي ، فقالوا : قد عثرنا على القاتل .
وكانوا قد وجدوا رجلاً مقتولاً في هذا المكان ، وعندما حملوه وجدوا تحته آثار حفر ، فحفروا فوجدوا كيساً من الذهب ، فقالوا : إن القاتل إنما يريدالذهب ولابد أن يعود للبحث عنه ، فاختبؤوا وأخذوا في مراقبة المكان فجاء الطنبوري يحفر في المكان نفسه .
فأقسم لهم الأيمان أنه لم يقتل أحد وأقام الشهود والبينات أنه لم يخرج من بغداد منذ زمن ، وأخذ يقيم الحجج على ذلك حتى ثبتت براءته ، فأطلق القاضي سراحه ولكن بعد تأديبه على إزعاجه للحرس المكلفين بمراقبة المكان بسببٍ تافهٍ جداً وهو دفن الحذاء .
فقال للقاضي : يا سيدي اكتب صكاً بيني وبين هذا الحذاء أني بريءٌ منه فقد أفقرني وفعل بي الأفاعيل ، وقص عليه ما تعرض له بسبب الحذاء .
فضحك القاضي وقال :
يا أحمق هلا مزقته أو أحرقته .
وكان ثرياً وفي الوقت نفسه بخيلاً ، وكان من بخله أنه كلما انقطع من حذاءه مكان وضع فيه رقعة من جلد أو قماش ، حتى أصبح الحذاء عبارة عن مجموعة من الرقع يمسك بعضها بعضاً واشتهر في بغداد كافة وعرف الجميعُ حذاءَ الطنبوري .
عابه بعض أصحابه وأصرّوا عليه أن يتخلص من حذائه ، فقام برمي الحذاء في مرمى القمامة وعاد إلى بيته ، وفي الطريق مر بالسوق فوجد زجاجات رائعة الجمال للبيع ، فأعجبته ولكنه ليس في حاجةٍ لها كما أنها غالية الثمن ، فتركها وسار في طريقه ، فوجد مسكاً رائعاً للبيع فأعجبه وقرر أن يشتريه ولكنه قال : لا يصلح هذا المسك إلا في تلك الزجاجات ، فعاد إلى الأول واشترى منه الزجاجات ، وعاد إلى الثاني واشترى منه المسك .
ذهب إلى البيت ووضع المسك في الزجاجات ووضعها على رف في البيت وخرج شأنه . وكان هناك رجل قد مر بجانب النفايات فرأى حذاء الطنبوري ملقىً في القمامة ولم يتصور أن الطنبوري سوف يرمي حذاءه ، فقال : لعل بعض الأشقياء هو الذي فعل هذا وسوف أردها إلى الطنبوري . فأخذ الحذاء وذهب بها إلى بيت الطنبوري ، فقرع الباب فلم يرد أحد عليه ، فرأى النافذة مفتوحة فقذف بالحذاء من النافذة .
بالطبع فهمتم ما الذي حدث …… لقد كسر الزجاجات وانسكب كل المسك على الأرض ولم يبق منه شيء .
عاد الطنبوري إلى البيت فرأى كل شيء ، ورأى ذلك الحذاء بجانب الزجاجات ، فقال : لعنك الله من حذاء . أخذ حذاءه وذهب بها إلى النهر وألقاها هناك .
وكان هناك صياد قد ألقى شباكه في النهر فعلقت بها حذاء الطنبوري ، وعندما وجد الحذاء قال : لابد أن أصنع إليه معروفاً وأعيد إليه حذاءه .
وفعلاً ذهب إلى الطنبوري وأعاد إليه الحذاء ، فأخذها الطنبوري ووضعها على سطح بيته لتجف من البلل ، فمر قط من سطح البيت فرأى الحذاء فظنها قطعة لحم فأخذها بفمه ، فنهره الطنبوري ، فهرب القط بالحذاء في فمه وأخذ يقفز فوق أسطح المنازل ، فسقطت منه الحذاء على امرأة حامل فأسقطت حملها ، فأخذ زوجها الحذاء وذهب إلى القاضي شاكياً من فعله الطنبوري بامرأته .
بالطبع كان عذر الطنبوري غير مقنع ، فحكم عليه القاضي بدية الجنين وعاقبه على فعلته وأذيته لجيرانه ، وأعاد إليه الحذاء ، فقال : لعنك الله من حذاء .
ثم إنه قال : سوف ألقيها هذه المرة في مكان لا يصل إليها أحد . فذهب بها إلى الحش ( المجاري بلغة عصرنا ) وألقاها في أحد المجاري ، وعاد إلى منزله وكله فرح وسرور .
مرّ يوم أو يومان فطفحت المجاري بالطريق وآذت الناس . فأتوا بعمال لتنظيف المجرى المسدود ، فوجدوا حذاء الطنبوري !!! فرفعوا أمره إلى القاضي ، فحبسه وجلده على فعلته ، وأعاد إليه الحذاء ، فقال : لعنك الله من حذاء .
فقال : ليس هناك من حل إلا بحفر حفرةً في الأرض ودفن الحذاء بها . وفعلاً في ساعة من الليل أخذ مسحاته وخرج إلى خارج البيت وأخذ يحفر في مكان بعيد بجانب جدار ، فسمع الجيران صوت الحفر فظنوا أنه سارق يريد نقب الجدار ، فأبلغوا الشرطة ، فجاء الحرس فوجدوا الطنبوري يحفر بجانب الجدار ، وعندما سألوه عن السبب ، قال : لأدفن الحذاء .
وبالطبع عذرٌ غير مقنع ، فحبسوه إلى الصبح ، ثم رفع أمره إلى القاضي ، فلم يقبل من عذره وجلده وحبسه بتهمة محاولة السرقة وأعاد إليه الحذاء ، فقال : لعنك الله من حذاء .
فاهتدى أخيراً إلى طريقة …… ذهب إلى الحمام العام ( تشبه المسابح العامّة في عصرنا هذا ) وترك الحذاء خارج الحمام وعاد إلى بيته وليأخذه من يأخذه .
صادف ذلك وجود أحد الأمراء في الحمام ، وقد جاء سارق وسرق حذاء الأمير ، وعندما خرج الأمير لم يجد الحذاء !!
وتساءل قائلاً : من أخذها ؟؟
قالوا : ننتظر وصاحب آخر حذاء هو السارق ونبحث عنه ، فلم يبق إلا حذاء الطنبوري .
وبالطبع لا حاجة للبحث عن السارق من يكون فقد عرفه كل أهل بغداد بهذا الحذاء .
رفع أمره إلى القاضي بتهمة سرقة حذاء الأمير ، فغرّمه القاضي قيمة الحذاء وجُلد وأُعيدت إليه حذاؤه ، فقال : لعنك الله من حذاء .
وأخيراً قال : سوف أخرج إلى خارج بغداد وأدفنها هناك ، وفعلاً خرج إلى الصحراء ، وأخذ يحفر في الأرض …… فداهمه الحرس وأخذوه إلى السجن ورفعوا أمره إلى القاضي ، وجيء به إلى القاضي ، فقالوا : قد عثرنا على القاتل .
وكانوا قد وجدوا رجلاً مقتولاً في هذا المكان ، وعندما حملوه وجدوا تحته آثار حفر ، فحفروا فوجدوا كيساً من الذهب ، فقالوا : إن القاتل إنما يريدالذهب ولابد أن يعود للبحث عنه ، فاختبؤوا وأخذوا في مراقبة المكان فجاء الطنبوري يحفر في المكان نفسه .
فأقسم لهم الأيمان أنه لم يقتل أحد وأقام الشهود والبينات أنه لم يخرج من بغداد منذ زمن ، وأخذ يقيم الحجج على ذلك حتى ثبتت براءته ، فأطلق القاضي سراحه ولكن بعد تأديبه على إزعاجه للحرس المكلفين بمراقبة المكان بسببٍ تافهٍ جداً وهو دفن الحذاء .
فقال للقاضي : يا سيدي اكتب صكاً بيني وبين هذا الحذاء أني بريءٌ منه فقد أفقرني وفعل بي الأفاعيل ، وقص عليه ما تعرض له بسبب الحذاء .
فضحك القاضي وقال :
يا أحمق هلا مزقته أو أحرقته .
تعليقات
إرسال تعليق